سيطر الفكر الرأسمالي على عقلية الكثير من الإقتصاديين، طوال العقود الماضية، وهرول البعض صوب الرأسمالية، إعتقادا أنها المخلِص من الآثار السلبية المدمرة، التي خلفتها الإشتراكية وفكرها الإقتصادي.
وبعد سنوات من التجربة والممارسة العملية، للفكر الرأسمالي في المعاملات الإقتصادية، تكشفت عورات الرأسمالية، وبدت سوءاتها في الظهور، لتصفع الإقتصاديين بالسقوط المدوي عاما تلو الآخر، حتى أصبحت الرأسمالية كمفهوم إقتصادي في ورطه، وسرعان ما تسابق الإقتصاديون، بحثا عن نظام جديد، يحميهم من مخالب الرأسمالية القاسية، ويعيد لهم توازنهم مرة أخرى، فما كان أمامهم سوى الإقتصاد الإسلامي، الذي حل ضيفا دائما على موائد الفكر الإقتصادي، في الشرق والغرب على حد سواء، في الآونة الأخيرة.
وفي هذا الشأن يسعى الملتقى الفقهي، لبيان دور الإقتصاد الاسلامي في إنتشال العالم من مستنقع سقوطه المالي والإقتصادي، والذي كبَده خسائر فادحة، وذلك من خلال قراءة في كتاب -الحل الإسلامي للأزمة المالية العالمية- للباحث الدكتور محيي الدين يعقوب أبوالهول، والصادر عن دار السلام للنشر والتوزيع بالقاهرة عام 2012م.
¤ أسباب الأزمة الاقتصادية العالمية:
إستهل الباحث كتابه بتناول الأزمة الإقتصادية الراهنة، وما خلفته من خسائر تقدر بمئات المليارات، جرَاء الإستعانة بالفكر الرأسمالي، في إدارة المنظومة الإقتصادية العالمية، وتطرق الباحث في الباب الأول من مؤلفه، إلى بدايات الأزمة ومؤشراتها، ثم إنتقل إلى إلقاء الضوء على أهم الأسباب وراء تلك الأزمة الطاحنة.
وأورد الدكتور محيي الدين يعقوب، أسباب الأزمة في الآتي:
أولا: التعامل بالربا، وما يمكن أن يسببه من كوارث تهدد الإحتياطي النقدي للدول.
ثانيا: بيع الدين بالدين، مع بيان الآثار الإقتصادية الكارثية، الناجمة عن هذه الطريقة في المعاملات الاقتصادية.
ثالثا: تداول الرهن، وهو ما قد يصيب البنوك بالإفلاس النقدي.
رابعا: الإعتماد على تضخم أسعار العقارات، والتوقعات المستقبلية.
خامسا: التوسع في سوق الأوراق المالية، وما يمكن أن يلعبه من دور سلبي في أداء المنظومة الإقتصادية بالإجمال.
سادسا: توسع الأخذ بالمشتقات المالية، التي تفنن النظام الرأسمالي في إنتاجها.
سابعًا: المضاربات الوهمية والصفقات الصورية، وتأثيرها المدمر على الإقتصاد الرأسمالي بصفة خاصة.
ثامنًا: وضع أموال المسلمين في البنوك الأجنبية.
تاسعًا: عمليات الخداع والتضليل.
عاشرًا: تغييب دور الرقابة الفاعلة والحوكمة، من قبل البنك المركزي.
حادي عشر: التوسع في منح بطاقات الإئتمان بدون رصيد.
¤ دور الإقتصاد الإسلامي في حل الأزمة:
بعد إستعراض الأزمة الإقتصادية الراهنة، جراء إنتهاج النظام الرأسمالي، وإلقاء الضوء على أهم الأسباب التي أدت إلى تفاقمها، ينتقل الكاتب إلى إبراز دور الإقتصاد الإسلامي في حل الأزمة بإعتباره المعالج لتلك الأسباب سالفة الذكر.
حيث تطرق الباحث إلى مفهوم المصرفية الإسلامية، وعلاقتها بأزمة الديون الحالية، وآثار تلك الأزمة، مع شرح آليات الخروج من تلك الأزمة، وأهم الإجراءات الدولية للحيلولة دون إستمرارها.
كما أبرز الباحث، كيفية المخرج من هذه الأزمة، مشيرا إلى بعض القضايا ذات الصلة الوثيقة بآليات معالجة تلك الأزمة وسبل الخروج منها، لإثبات مدى قدرة النظام الإسلامي على حلها وإنتشال الإقتصاد الدولي من براثنها، ومن تلك القضايا التي تناولها المؤلف، إرتباط النظام الإقتصادي الإسلامي بالعقيدة الإسلامية، وسطية وإعتدال الاقتصاد الإسلامي، إرتباط الإقتصاد الإسلامي بالواقع والأخلاق، تكامل وترابط الإقتصاد الإسلامي، عدالة الإقتصاد الإسلامي، مفهوم المال في الشريعة الإسلامية، مقصد حفظ المال في الشريعة الإسلامية
عرض: عماد عنان.
المصدر: موقع رسالة الإسلام.